الجغرافيا الحضرية
مقدمة : قبل البدء في تعريف المدينة حري بنا تعريف الجغرافيا الحضرية.
1-الجغرافيا الحضرية:
هي فرع من فروع الجغرافيا البشرية, حديثة النشأة، تتناول بالدراسة المجال الحضري أو البنية الحضرية؛ إذن هل يمكننا القول أنها الفرع المتخصص في دراسة ميدان المدن عن طريقة الملاحظة «الرصد» أو التفكير فيما يؤول إليه سطح الأرض؟ وهل هي دراسة للتعمير؟ أم هي غير ذلك؟.
إن التعمير Urbanismeهو علم يهتم بالمدينة, يقترح حلولا للمشاكل التي تعاني منها, إنه علم وتقنية التهيئة الحضرية, لا يعتبر فرع قائم بذاته؛ إذ يعتمد على مفاهيم العلوم البشرية «جغرافيا, علم الاجتماع, الاقتصاد»، إنه علم وتقنية تهيئة المدن، بينما تتميز الجغرافيا الحضرية بمفاهيمها التي تستمد من علاقة المجتمع بالمجال الأرضي الذي يحيا فيه, لهذا تعرف بأنها علم العلاقات بين الإنسان ووسطه, انطلاقا من ذلك تعتبر المدينة كمجال جغرافي، تهتم الجغرافية الحضرية بدراسة أبعاد هذا المجال: التوزيع, البنية, الوظائف, العمليات، ميدانها الأساسي هو المدينة التي تعتبر مجموعة شكلية «مورفولوجية» واقتصادية واجتماعية وثقافية متمايزة. المدينة بالنسبة للجغرافيا الحضرية لا بد أن تكون ذات وظائف مندمجة ضمن شبكة تراتبية Hiérarchisé متكاملة، تسمح بتنظيم إقليمها وإدماجه ضمن الاقتصاد الكلي.
يتم التمييز في الجغرافيا الحضرية بين المدينة كمجال من جهة وبين المدينة ضمن المجال من جهة أخرى لهذا فإن المدينة هي موضوع الجغرافيا الحضرية التي تعتبر كنظام داخل نظام المدن.
إن الموقع والموضع هما مفتاح دراسة المدينة حيث مفهوم العقد «موقع التقاطع ضمن شبكة من العلاقات» يرتكز على المواضع التالية: الموقع والموضع, التطور, الوظائف, الدراسات الديموغرافية, الحياة في المدينة وفي أحيائها, دأبت دراسات الجغرافية الحضرية على هذه المواضع مع الاهتمام بدراسة العلاقات بين الريف والمدينة مما أدى إلى تبلور مفهوم منطقة نفوذ المدينة أو منطقة تأثيرها.
تسمح دراسة الهيكل الحضري والشبكات الحضرية والوظائف الحضرية أو مجموع النشاطات ضمن المدينة بإبراز نشاطات المدينة وامتدادها ضمن المجال الحضري وتحديد مجموع علاقات الضبط الاقتصادي والاجتماعي، ثم انصب الاهتمام على نسق ظروف نمو المدن، تبع ذلك تطور الدراسة التفسيرية التي اهتمت بالبحث عن الانتظام من خلال مختلف الملاحظات المحلية والبحث عن بعض القوانين التي تتحكم فيه.
فمثلا الموقع لا يخضع للقوانين الطبيعية فحسب بل يستند إلى موقع المكان النسبي الذي تبرز منه تكاليف الانتقال من مكان لآخر وأصبح الموضع لا يتم الاستناد إليه على الأساس الطبوغرافي فحسب بل أصبحت درجة جاذبيته تتحكم في اختياره، هكذا تحددت إشكالية تحديد تحليل المجال وتحليل السلوك فيه. انطلاقا من هذا استطاع علماء الجغرافيا الحضرية تشخيص المدينة وإعطائها روحا ديناميكية؛ حيث لم يعد اهتمامهم منصبا على مخططات المدينة فسحب بل أصبح يشمل النسيج الحضري.
2-تعريف المدينة:
إن اعتمدنا على حياة الاستقرار في تعريف المدينة فإن سكان المشاتي « الدشور» والقرى مستقرون أيضا عكس البدو الرحل أو شبه الرحل غير المستقرين، إذن لا بد من اللجوء إلى مؤشر آخر، قديما كان هناك تعارض كبير بين الريف والمدينة, حيث كانت المدينة قلعة محمية بأسوارها، متميزة بشكل واضح عن الأراضي المنبسطة المجاورة لها؛ وهي أراض تنتشر فيها بعض الروابض أو التجمعات البسيطة وتسود فيها الزراعة بشكل مطلق[1]؛ لكن التطور التقني والنمو الديموغرافي بفضل تحسن الأوضاع الاقتصادية والصحية وظروف الحروب التي تغيرت أساليبها أصبحت المدينة تمتد خارج أسوارها القديمة.
إن تطور المجتمعات وارتفاع مستواها التقني والاقتصادي والاجتماعي و ظهور وسائل إعلام متطورة متاحة للجميع « إذاعة, تلفزيون, وسائل النشر والدعاية» وتوفر وسائل النقل كلها عوامل ساعدت على تقليص الفوارق بين الريف والمدينة.
تتناسب درجة تطور المجتمعات مع درجة اضمحلال الفوارق بين المدينة والريف ففي المناطق الأكثر نموا[2] أصبح الاختلاف بين الريف والمدينة فكرة قديمة مرفوضة حيث تتوفر في كليهما بنية تحتية, تجهيزات مناسبة, بينما لا تزال في المناطق الأقل نموا[3] وخاصة في البلدان الأقل نموا[4] الفوارق بين المدينة والريف كبيرة الأمر الذي أدى إلى اختلاف تعريف المدينة في مناطق العالم وبغض النظر عن ذلك يشمل مفهوم المدينة مجموعة من الأشياء المتعددة والمختلفة: الموقع, الموضع, الهندسة المعمارية, تنظيمها الداخلي, الدور الذي تلعبه المدينة محليا وإقليميا ودوليا.
كما أسلفنا تتناول الجغرافيا الحضرية: المجال, السكان, دور المدن في تنظيم المجال، لقد
كان المفهوم الجغرافي للمدينة منصبا في أول الأمر على المظاهر الملموسة: الموقع, الموضع, مخطط المدينة, مختلف مخططات شغل الأراضي, بعد ذلك جاء الاهتمام بالسكان «أصولهم, توزيعهم خصائصهم, نشاطاتهم, التمايز بين الريف والمدينة », ثم تطلعوا إلى أسس التنمية الحضرية مما أدى إلى تساؤلهم عن الدور التي تلعبه المدينة في تطوير إقليمها.
لقد أصبحت المدينة محل اهتمام مختلف التخصصات خاصة الجغرافية الحضرية؛ إذن ما هي المدينة؟ هل هناك تعارض بين مفهوم المدينة قديما وحديثا ؟ هل المدينة وسط اجتماعي مفتوح للجميع كما كانت قبل الثورة الصناعية؟ أم هي ميدان لم تصمد أمام المد الرأسمالي حيث تتمايز فيه الطبقات اقتصاديا؟ أم أن المدينة هي إطار تمارس فيه الوظيفة الاجتماعية, أو الإطار الذي تمارس فيه البرجوازية المنسجمة سلطتها أم هي كيان يستمد وحدته من الممارسة اليومية لسوق العمل؟
هناك اختلاف كبير بين دول العالم في التمييز بين الريف والحضر وهذا حسب مستوى التقدم الذي بلغته كل دولة, كما أن هناك اختلافا في وجهات نظر الباحثين والأكاديميين في التمييز بينها, كل يضع أسسا أو مؤشرات لتعريف الحضر ولتعريف الريف, عموما يمكننا توضيح الأسس التي تستعمل في التمييز بين الحضر والريف, وهي:
1- الأساس الإحصائي:
يعتمد على متغيرين اثنين, هما:
أ- الحجم: اختلاف كبير بين مصالح الإحصاء في دول العالم في وضع حجم معين للسكان ليكون حدا فاصلا بين المدينة والريف هذا الاختلاف نتاج عن التطور, ففي فنلندا والسويد يعتبر كل تجمع مدينة إذا زاد عدد سكانه عن 200 نسمة، بينما يصل هذا الرقم إلى 250 نسمة في الدانمرك, ويرتفع إلى 1000 نسمة في كندا وفي فنزويلا وفي اسكتلندا وفي الشيلي و 2000 نسمة في أستراليا وفي الأرجنتين وفي البرتغال وفي فرنسا, و5000 نسمة في بلجيكا وفي غانا وفي الهند وفي الجزائر الذي اختلف فيها من تعداد لآخر, أما في روسيا فيصل إلى 12000 نسمة و 30000 نسمة في اليابان و40000 نسمة في كوريا[5].
يلاحظ وجود اختلاف كبير في خصائص المدن بين مناطق العالم ففي المناطق الأقل نموا وفي أقل البلدان نموا نجد أن أغلب المدن فيهما قد تحولت إلى ريف كبير بفعل النزوح الريفي وجلب المظاهر الريفية إلى المدينة «تربية الدواجن، الحيوانات...».
إن الاعتماد على الحجم في تعريف المدينة لا يقدم صورة واضحة عن حياة المدينة لأن هناك بعض التجمعات ترتفع أعداد سكانها؛ لكنها لا تنتمي إلى الوسط الحضري.
ب- الكثافة السكانية: الاعتماد على مؤشر الكثافة السكانية «عدد السكان/ المساحة» في التمييز بين الريف والمدينة لا يستعمل في التصنيف في الكثير من الدول؛ بل أن هناك دولا استعملته في وقت ما ثم تخلت عنه « استعمل في الجزائر حسب تعداد 1966م فقط» و يلاحظ عدم وجود اتفاق بين الباحثين والأكاديميين على الحد الأدنى للكثافة السكانية للتمييز بين المدينة والريف، اقترح مارك جيفرسون بأن كثافة 10000 نسمة في الميل المربع[6] تؤهل المكان ليصبح مدينة.
2- الأساس الاقتصادي:
إن تعريف المدينة لا يستند على المساحة التي تشغلها ولا على عدد السكان الذين يقيمون فيها ولكنه يستند على الوظائف التي تمارسها, حيث يمارس سكان المدن وظائف غير زراعية غالبا, بينما يمارس سكان الريف أنشطة زراعية خارج الكتلة المبنية, سكان المدن لا ينتجون سلعا مادية فقط بل يقدمون خدمات لسكانها ولسكان إقليمها.
هناك من لاحظ بأن تعدد الأنشطة الاقتصادية هو ما يميز المدينة عن الريف (ماكس فيبر) حيث نجد أن المدينة تحتوي على أسواق, معارض نشاطات ثقافية, رياضية, علمية...إلخ.
3- الأساس الإداري:
لا يزال الأساس الإداري مستعملا في التمييز بين المدينة والقرية, ففي الجزائر اعتبرت مقرات الدوائر والولايات مدنا حتى وإن لم تستوف مؤشرات تعريف الحضر وذلك حسب تعداد 1977م الذي جاء بعد التقسيم الإداري لسنة 1974م حيث تم استحداث مقرات لدوائر ولولايات جديدة لا تستوفي مؤشرات تعريف سكان الحضر وكذلك الأمر بالنسبة لتعداد 1987م. لأن إنشاء البنية التحتية والتجهيزات و المشاريع الاقتصادية التي يجب أن تتوفر في هذه المقرات تجعل منها مدنا مستقبلا.
4- الأساس التاريخي:
ارتبطت نشأة المدن قديما بالدور الذي لعبته في الحياة الاقتصادية, السياسية, العسكرية, رغم تدهور الكثير من المدن التاريخية غير أنها لا تزال شاهدة الدور الذي لعبته عبر التاريخ: قسنطينة, شرشال, تيبازا, تيمقاد...إلخ.
5- الأساس الشكلي «المورفولوجي أو اللاند سكيب»:
المدينة حقيقة مادية مرئية في المشهد الطبيعي العام يمكننا تحديدها انطلاقا مظهر مبانيها وكتلتها وطبيعة شوارعها ومؤسساتها ومصانعها.
مهما كان التعريف المعتمد لابد إلقاء نظرة على تعريف سكان الحضر وسكان الريف حسب تعريف الديوان الوطني للإحصائيات عند إجراء تعداد من التعدادات الخمسة التي جرت بعد الاستقلال «1966م، 1977م، 1987م، 1998م، 2008م».
3-تعريف الحضر والريف حسب الديوان الوطني للإحصائيات[7]
جميع دواوين الإحصاء أو المكاتب المركزية للإحصاء في مختلف بلدان العالم تحدد مختلف المؤشرات التي تعتمد عليها في تعريف مختلف مفردات التعدادات المختلفة، والديوان الوطني للإحصائيات قام بوضع مؤشرات لتعريف مختلف مفردات التعدادات التي جرت بعد الاستقلال، منها:
تجمع Agglomération: هو مجموعة حضرية تجمع مختلف المجالات المبنية «سكن، صناعة...الخ» وتضم مدينة أو عدة مدن وضواحيها. أما تعريف الديوان الوطني للإحصائيات: « فهو مجموعة من البنايات لا يقل عددها عن مائة بناية، ولا تبعد عن بعضها البعض بأكثر من 200متر، ويلاحظ بأن القرى الاشتراكية اعتبرت تجمعات عمرانية مهما كان عدد بناياتها»[8].
تجمع رئيسي Agglomération chef-lieu: يمكن أن تضم بلدية واحدة عدة تجمعات، حيث يسمى التجمع الذي يحتضن مقر المجلس الشعبي البلدي APC بالتجمع الرئيسيACL، يمكن أن يكون حضريا كما يمكن أن يكون تجمعا ريفيا.
تجمع بين البلدياتAgglomération intercommunale: يسمى التجمع العمراني الممتد على أراضي بلديتين متجاورتين أو أكثر بالتجمع العمراني لما بين البلديات AIC، تستخدم تجهيزات هذا التجمع من طرف جميع سكانه.
تجمع ريفي Agglomération rurale: هو التجمع الذي لا تتوفر فيه مؤشرات التجمع الحضري « عدد السكان، نسب العاملين في القطاع الزراعي، البنية التحتية...».
تجمع ثانوي Agglomération secondaire: يمكن أن تضم البلدية أكثر من تجمع حيث تسمى التجمعات التي لا تحتوى على المجلس الشعبي البلدي«APC» بالتجمعات الثانوية، يمكن أن تكون حضرية كما يمكن أن تكون ريفية.
تجمع شبه ريفي Agglomération semi-rurale: توجد مناطق وسيطة بين المجال الريفي حيث يعيش فيه أغلب السكان على النشاطات الزراعية وبين المجال الحضري حيث يعمل الكثير من سكان المناطق الوسيطة في وحدات حضرية مجاورة، ويسكنون منازل تتفاوت في تمايزها عن المنازل الريفية، لهذا تم تمييز فئة التجمعات شبه الريفية في الوسط الريفي حيث يعيش السكان في تجمعات عمرانية تتوفر على خصائص قريبة من خصائص الحضر: نشاط غير زراعي هام نسبيا، وجود خصائص حضرية...الخ.
وقد اعتمد في تعريف فئة تجمع شبه ريفي على حجم السكان والنشاط الحضري بالنسبة لتعداد 1987م، أما بالنسبة لتعداد 1998م فقد أضيف إليهما مؤشر بعض الخصائص الحضرية.
1-تعريف التجمع شبه الريفي حسب تعداد 1987م[9] : تم تعريفه بالاعتماد على المؤشرين التاليين:
-حجم السكان: حدد حجم السكان الأدنى ب2000نسمة.
-النشاط الاقتصادي: حدد حجم العاملين الأدنى ب500عامل، منهم على الأقل 50% غير زراعيين.
2- تعريف التجمع شبه الريفي حسب تعداد 1998م: تم تعريفه بالاعتماد على المؤشرات التالية[10]:
- حجم السكان: حدد حجم السكان الأدنى ب3000نسمة.
- النشاط الاقتصادي: حدد حجم العاملين الأدنى ب500عامل، منهم 50% على الأقل يمارسون نشاطات غير زراعية.
-بعض الخصائص الحضرية: لابد من وجود شبكات ثلاث، هي: شبكة الماء الشروب، شبكة الكهرباء، شبكة التصريف الصحي.
تجمع عفوي Agglomération spontanée: مجموعة من المباني أقيمت بمبادرات خاصة بدون تخطيط ولا تتوافق مع معايير البناء والتعمير.
تجمع حضري Agglomération urbaine: لا توجد حدود فاصلة متفق عليها بين الحضري والريفي في بلدان العالم حيث يوجد اختلاف كبير في تعريف الحضري والريفي، بل يمكن أن يكون الاختلاف داخل البلد الواحد زمنيا لهذا سيكون تعريف التجمع الحضري مستنبطا من مختلف التعدادات التي جرت في الجزائر بعد الاستقلال.
1-تعريف الوسط الحضري حسب تعداد 1966م: تم تعريفه بالاعتماد على أربعة مؤشرات، هي:
-حجم السكان: حدد الحجم الأدنى للسكان ب4000 نسمة في التجمع العمراني الرئيسي.
-النشاط الاقتصادي للسكان: حددت نسبة العاملين غير الزراعيين بين50-75% من مجموع العاملين.
-الكثافة السكانية في التجمع العمراني الرئيسي ونسبة سكانه من مجموع سكان البلدية.
-معدل نمو السكان في فترة بين تعدادي 1954-1966م
استعملت هذه المؤشرات الأربعة لتحديد البلديات الحضرية urbaines communes والبلديات شبه الحضرية semi-urbaine communes وذلك بناء على دراسة مراكز البلديات[11].
2-تعريف الوسط الحضري حسب تعداد 1977م: في هذا التعداد تم الاستغناء عن تعبير البلدية الحضرية وشبه الحضرية، واستبدل بالوحدة الجغرافية الحضريةunité Géographique urbaine التي تعبر عن التجمع العمراني، تم الاستغناء عن مؤشر الكثافة السكانية ونسبة السكان في مركز البلدية من مجموع سكانها، وتم الاحتفاظ بمؤشرات تعريف الوسط الحضري الثلاثة الأخرى التي استعملت في تعداد 1966م مع بعض التعديلات، مع إضافة مؤشرين اثنين آخرين لمؤشرات تعريف الوسط الحضري ليصبح عددها خمسة مؤشرات، هي:
-حجم السكان: حدد الحجم الأدنى للسكان ب5000 نسمة في الفئة شبه الحضرية، و10000نسمة في الفئة الحضرية.
-النشاط الاقتصادي للسكان: يضم التجمع العمراني الحضري أكثر من 1000 عامل غير زراعي، يشكلون على الأقل 75% من مجموع العاملين.
-معدل نمو السكان في فترة بين تعدادي 1966-1977م لتحديد درجة جاذبية المركز العمراني.
- الوظيفة الإدارية: اعتبرت مقرات الولايات والدوائر تجمعات عمرانية حضرية حتى وإن لم تستوف مؤشرات تعريف الوسط الحضري لأن مشاريع إنشاء البنية التحتية الأساسية والبنية الاقتصادية والاجتماعية يجعلها مناطق حضرية أو مناطق حضرية كامنة على الأقل.
-الخصائص الحضرية: وجود حد أدنى من البنية التحتية الأساسية والتجهيزات الاجتماعية والتربوية.
استعملت هذه المؤشرات الخمسة لتحديد الوحدات الجغرافية الحضرية التي تم تعريفها بالتجمعات العمرانية، وتعريف السكان الحضر بالذين يعيشون في منطقة جغرافية محددة بمحيطها العمراني، يمكن أن تشترك بعض البلديات في تجمعات عمرانية وفي استخدام التجهيزات الجماعية حيث يمكن أن يكون الفاصل بينهما أو بينها شارعا أو شوارع، يمكن أن تتكون الوحدة الحضرية من عدة تجمعات عمرانية تنتمي إلى بلديات مختلفة[12].
3-تعريف الوسط الحضري حسب تعداد 1987م: لم يختلف تعريف الوحدة الحضرية حسب هذا التعداد عن سابقه رغم وجود بعض الفروق التوضيحية، هي:
-حجم السكان: حدد الحجم الأدنى للسكان ب 5000 نسمة في الفئة شبه الحضرية و10000نسمة في الفئة الحضرية ومع ذلك اعتبرت بعض التجمعات العمرانية وحدات حضرية، حتى وإن كانت أحجامها أقل من ذلك، وهي مقرات الولايات والدوائر حيث أدمج 49 تجمعا عمرانيا في الفئة الحضرية بالرغم من أنها ذات حجم سكاني أقل من 5000نسمة؛ لأنه يمكن اعتبار كل مقر دائرة ومقر ولاية كمدينة على الأقل كامنة لأن بناء المؤسسات الإدارية والتعليمية والصحية والسكنية وغيرها، ثم تسييرها تحتاج إلى السكان وإلى مداخل كافية تجعل الاستهلاك المادي والثقافي ذا نمط حضري[13].
-النشاط الاقتصادي: من الخصائص الأساسية للمدينة عدم وجود العمال الزراعيين أو وجودهم بنسبة ضعيفة لا تتجاوز 25% من مجموع العاملين، لقد حدد عدد العاملين غير الزراعيين ب2000 عامل غير زراعي كحد أدنى لدى الفئة الحضرية و1000 عامل غير زراعي لدى الفئة شبه الحضرية، يشكلون 75% على الأقل من مجموع العاملين، يمكن أن يكون مكان النشاط في مكان الإقامة، أو في الأماكن المجاورة، خاصة في مناطق الحواضر الأربع[14].
-الخصائص الحضرية: هناك بعض الصفات تميز المدينة عن الريف، منها: وجود تجهيزات ذات المصلحة العمومية تقدم خدماتها للمواطنين، مثل المستشفيات، والمؤسسات التعليمية، المحاكم، ومراكز الترفيه كالمسرح، والسينما، وجود شبكة التصريف، وجود نظام لمراقبة البنايات...الخ.
-الوظيفة الإدارية: يخص هذا المؤشر التجمعات العمرانية التي تمت ترقيتها إلى ولاية أو إلى دائرة ، والتي تعتبر ذات إمكانات حضرية كامنة.
-معدل نمو السكان في فترة ما بين تعدادي 1977-1987م لتحديد درجة جاذبية المركز العمراني[15].
رابعا-تعريف الوسط الحضري حسب تعداد 1998م: إذا استثنينا مؤشر الوظيفة الإدارية الذي استبعد من تعريف الوسط الحضري حسب هذا التعداد فقد تم الاحتفاظ بالمؤشرات المستعملة في تعريف الوسط الحضري حسب تعدادي 1977م، 1987م وهذا بالرغم وجود بعض الفروق التوضيحية التي لم تبتعد عن روح تعريف الوحدة الحضرية السابق وذلك من أجل المقارنة مع النسيج العمراني السابق[16]:
1-حجم السكان: حدد الحجم الأدنى للسكان ب 5000 نسمة في الفئة شبه الحضرية، و20000نسمة في الفئة الحضرية العليا، وفي الفئة الحضرية.
2-النشاط الاقتصادي: حدد الحجم الأدنى للعاملين ب10000عامل في الفئة الحضرية العليا و2000عامل في الفئة الحضرية و1000عامل في الفئة شبه الحضرية، ويجب ألا تتجاوز نسبة العاملين في الزراعة 25% من مجموع العاملين.
3-الخصائص الحضرية: بعضها اعتبر حكرا على المدينة، كوجود تجهيزات ذات المنفعة العمومية؛ كالمستشفيات، والمصحات المتعددة الخدمات، والمؤسسات التعليمية، والمحاكم، مؤسسات ترفيهية كالمسرح، والسينما..، ووجود شبكات مختلفة: شبكة المياه الصالحة للشرب، شبكة تصريف المياه، شبكة الكهرباء...الخ
4- معدل نمو السكان في فترة بين تعدادي 1987-1998م: من أجل تحديد درجة جاذبية المركز العمراني[17].
التعريف التشريعي للحضر
بعد تعداد 1998م لم يعد تعريف الحضر يقتصر على التعريف الإحصائي حيث ظهر التعريف التشريعي حسب القانون رقم 20-2001م المتعلق بالتهيئة والتنمية المستدامة والقانون رقم 6-2006م المتعلق بتوجيه المدن[18].
مفردات القانون رقم 20-2001م المتعلق بالتهيئة والتنمية المستدامة :
- برنامج الجهة لتهيئة الإقليم وتنميته[19]:Région programme d'aménagement et de développement بغرض تنمية القطر الجزائري تنمية متوازنة تتناسب مع إمكانات كل إقليم قسمت الجزائر إلى تسعة أقاليم «الشمال الشرقي، الشمال الأوسط، الشمال الغربي، الهضاب العليا الشرقية، الهضاب العليا الوسطى، الهضاب العليا الغربية، الجنوب الشرقي، الجنوب الغربي، الجنوب الكبير»، يتكون كل إقليم من عدة ولايات متاخمة لها خصائص طبيعية ووجهات إنمائية متماثلة أو متكاملة، أعد لكل إقليم مخطط سمي بالمخطط الجهوي لتهيئة الإقليم «SRAT»، يندرج هذا المخطط ضمن المخطط الوطني لتهيئة الإقليم «SNAT»، تهدف سياسة تهيئة الإقليم وتنميته إلى تنمية منسجمة على أساس إمكانات كل إقليم وذلك من أجل تنمية الثروة الوطنية والتشغيل، تخفيف الضغط على المنطقة الساحلية-التلية، دعم الأوساط الريفية، ترقية الوظائف الجهوية...الخ من أجل إرساء دعائم الوحدة الوطنية عن طريق دمج التراب الوطني ضمن تنمية اقتصادية، اجتماعية، ثقافية.
- حاضرة كبرى Métropole: هي تجمع حضري يحتوي على 300 ألف نسمة فما فوق، لها قابلية تطوير وظائف دولية إضافة إلى جانب الوظائف الجهوية والوطنية[20].
- مساحة حضرية Aire métropolitaine: هي الإقليم الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار بهدف التحكم في تنمية حاضرة كبرى وتنظيمها[21].
- مدينة كبيرة grande Ville: تجمع حضري يضم على الأقل مائة ألف نسمة[22].
- مدينة جديدة Ville nouvelle: تنشأ نتيجة قرار سياسة التهيئة الحضرية التي تعبر عن مجموعة من اختيارات التعمير: الموقع، الموضع، الحجم، البنية التحتية والتجهيزات، مختلف الوظائف، حسب قوانين التعمير في الجزائر فإن المدينة الجديدة هي: «تجمع حضري مبرمج بكامله في مكان خال أو انطلاقا من خلية أو خلايا السكنات الموجودة.[23]»، خير مثال عن المدن الجديدة، هي مدينة علي منجلي الجديدة الواقعة بالقرب من مدينة قسنطينة ومدينة ماسينيسا في الخروب ومدينة ذراع الريش الجاري إنجازها في عنابة.
- منطقة حساسة Zone sensible: مجال هش بيئيا حيث لا يمكن أن تنجز فيها عمليات التنمية بدون مراعاة خصائصها النوعية[24].
مفردات القانون رقم 6-2006م المتعلق بتوجيه المدن:
-مدينة: تجمع حضري يزيد حجمه السكاني عن 100ألف نسمة، يتمتع بوظائف إدارية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية.
مدينة متوسطة: تجمع حضري يتراوح عدد سكانه بين 50ألف نسمة و100ألف نسمة.
مدينة صغيرة: تجمع حضري يتراوح عدد سكانه بين 20ألف نسمة و50ألف نسمة.
تجمع حضري: مجال حضري يأوي سكانا متجمعين لا يقل عددهم عن5 آلاف نسمة.
حي: هو جزء محدد من المدينة بالاعتماد على المعطيات المتعلقة بحالة النسيج العمراني وببنيته وتركيبه وعدد سكانه.
خامسا-تعريف الوسط الحضري حسب تعداد 2008م: بما أنه لا توجد مؤشرات عالمية موحدة لتحديد الحضر فقد احتفظ الديوان الوطني للإحصائيات بمؤشرات تعريف الحضر حسب تعداد 1998م وذلك من أجل ضمان استمرارية مقارنة تغير السكان تاريخيا ومع ذلك فإن وجهة النظر هذه لا تعبر عن تعريف الحضر نهائيا لأن تطور المجتمع الجزائري يمكنه أن يوحي بوجهة نظر أخرى لتعريف الحضر أكثر اكتمالا، لقد تم الاحتفاظ بتعريف الوحدة الحضرية التي تدل على التجمع الحضري الذي يحتوي أيضا على تجمع لما بين البلديات الحضري.
يلاحظ بأن ظهور فئة الحواضر الكبرى وهي التجمعات التي يزيد عدد سكانها عن300 ألف نسمة « مدن: الجزائر، وهران، قسنطينة، عنابة» بالإضافة إلى تعريف المدن بواسطة القانونين: رقم 20-2001م، 6-2006م هو ما ميز تعريف الحضر حسب تعداد 2008م
[1] -جاكلين بوجو قارني ترجمة حليمي عبد القادر الجغرافية الحضرية ص10، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1989م
1- هي دول أوروبا، الولايات الأمريكية المتحدة، اليابان، أستراليا، نيوزيلندا.
[3] - هي دول ما كان يعرف بدول العالم النامي.
[4] -هي الدول لم تحقق نموا اقتصاديا يذكر، يقل نصيب الفرد من الدخل الوطني الخام السنوي عن 900دولار .
[5] --جاكلين بوجو قارني ترجمة حليمي عبد القادر الجغرافية الحضرية ص18، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1989م
[6] - جمال حمدان جغرافية المدن، ص 7، عالم الكتب 1977م
[7] -O.N.S, Armature Urbaine, RGPH2008, Collections Statistiques N°163/2011, p28-39.
[8] -Office National Des Statistiques, Armature Urbaine 1987,p27
[9] - بلغ عدد التجمعات شبه الريفية 440 تجمعا عمرانيا تضم 1689251نسمة «14.5%من مجموع السكان»
[10] - بلغ عدد التجمعات شبه الريفية 478 تجمعا عمرانيا تضم 2389449نسمة «20%من مجموع السكان»
[11]-سمحت هذه المتغيرات بتصنيف بلديات القطر إلى: 66 بلدية حضرية و29 بلدية شبه حضرية، و44بلدية شبه ريفية.
[12]- سمحت هذه المتغيرات بتحديد شبكة حضرية في القطر تتكون من 211 تجمعا عمرانيا موزعة على خمس فئات:
أ-الفئة الحضرية: تتكون من 67 تجمعا عمرانيا.
ب-فئة الضواحي الحضرية: عددها 29 تجمعا عمرانيا.
ج-الفئة شبه الحضرية: بلغ عددها 49 تجمعا عمرانيا.
د-الفئة شبه الحضرية الكامنة: اعتبر55 تجمعا عمرانيا شبه حضري كامنا بفعل الديناميكية الحضرية الناتجة عن إنجاز بعض المشاريع أو التنمية أو الحجم السكاني الذي يؤدي بالضرورة إلى التحضر السريع.
ھ- فئة التجمعات العمرانية غير المصنفة في مكان آخر: تتكون من 11 تجمعا عمرانيا لا تستجيب لمؤشرات إحدى الفئات السابقة الذكر، لكنها يمكن أن تستجيب لأحد المؤشرات: الحجم، النشاط، الوظيفة التي تميزها عن التجمعات الأخرى.
[13] - لم يدخل 49 مقرا للدوائر ضمن تصنيف شبه الحضري الكامن لأن حجمها السكاني كان يقل عن 2000نسمة.
[14] -هي: الجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة، عنابة.
-[15]سمحت هذه المتغيرات بتحديد شبكة حضرية تتكون من 447 تجمعا عمرانيا موزعة على خمس فئات:
أ-الفئة الحضرية: تتكون من 121 تجمعا عمرانيا.
ب-فئة الضواحي الحضرية: عددها 68 تجمعا عمرانيا، تتكون إما من المناطق السكنية أو من مناطق النشاط القريبة من الحواضر الأربع.
ج-الفئة شبه الحضرية: بلغ عددها175 تجمعا عمرانيا. الفئة شبه الحضرية الكامنة: تتكون من 58 تجمعا عمرانيا شبه حضري كامن بفعل الديناميكية الحضرية الناتجة عن إنجاز بعض المشاريع أو التنمية أو الحجم السكاني الذي يؤدي بالضرورة إلى التحضر السريع.
د-فئة التجمعات العمرانية غير المصنفة في مكان آخر: تتكون من 25 تجمعا عمرانيا لا تستجيب لمؤشرات إحدى الفئات السابقة الذكر، لكنها يمكن أن تستجيب لأحد المؤشرات: الحجم، النشاط، الوظيفة «كل التجمعات العمرانية هي مقرات للدوائر» التي تميزها عن التجمعات الأخرى.
[16] -فمثلا: عرف محيط التجمع العمراني حسب مؤشر البعد بين بناياته الذي يجب ألا يتعدى 200م عند التحضير الكارتوغرافي لتعداد 1987م.
[17] -يلاحظ بأن مؤشر الوظيفة الإدارية قد اختفى من مؤشرات تصنيف التجمعات العمرانية الحضرية حسب تعداد1998م، لقد سمحت مؤشرات التصنيف هذه «المتغيرات» بتصنيف 579تجمعا عمرانيا حضريا ضمن أربع فئات:
أ-الفئة الحضرية العليا: تتكون من 24 تجمعا عمرانيا.
ب-الفئة الحضرية: تضم 121 تجمعا عمرانيا.
ج-فئة الضواحي الحضرية: ارتفع عدد تجمعات هذه الفئة من68 تجمعا عمرانيا سنة1987م إلى 94 تجمعا عمرانيا سنة 1998.
د-الفئة شبه الحضرية: تحتوي على 340تجمعا عمرانيا.
[18] -O.N.S, Armature Urbaine, RGPH2008, Collections Statistiques N°163/2011, p32, 33.
[19] -نصت المادة 3-من القانون رقم01-20المؤرخ في 20ديسمبر 2001م على أن الإقليم يتكون من عدة ولايات متاخمة، لها خصوصيات فيزيائية ووجهات إنمائية مماثلة أو متكاملة.
[20] -المادة 3-من القانون رقم01-20 المؤرخ في 20ديسمبر 2001م، ص1، قانون التعمير في ضوء الممارسات القضائية. برتي للنشر الجزائر 2011م.
[21] - المادة 3-من القانون رقم01-20 المؤرخ في 20ديسمبر 2001م، قانون التعمير في ضوء الممارسات القضائية. برتي للنشر الجزائر 2011م، ص2.
[22] - مجموعة النصوص التشريعية والتنظيمية، قانون التعمير في ضوء الممارسات القضائية. برتي للنشر الجزائر 2011م ص2
[23]- مجموعة النصوص التشريعية والتنظيمية، قانون التعمير في ضوء الممارسات القضائية. برتي للنشر الجزائر 2011م ص2
[24] - مجموعة النصوص التشريعية والتنظيمية، قانون التعمير في ضوء الممارسات القضائية. برتي للنشر الجزائر 2011م ص2
0 التعليقات:
إرسال تعليق